cross

!زواج الليبيات من أجانب ... حرمان من الحقوق

طرابلس / في مجتمعٍ يرى بأنه مٌحافظ تحكمه العادات والتقاليد حتى التى تخسف بحق المرأة الليبية في إختيار شريكها وينظر لها نظرة دونية عما إذا تزوجت بالغير الليبي ، وتٌحرم هى وأبنائها من حقوقهم المدنية .

المجتمع الليبي ذو التركيبة المٌعقدة يٌحلل ويٌحرم بل ويٌجرم أحياناً ! فلا لوم على الرجل من التزوج بأجنبية أي كانت جنسيتها او عقيدتها فيما يٌلقي اللوم على زواج المرأة الليبية من الأجنبي .

 بحثنـا كثيراً لمقابلة ليبيات تزوجهن أجانب ويعيشون داخل مجتمعنـا ، لنتعرف على قصصهن ومعاناتهن في الحرمان من حقوق أبنائهن المدنية 

الحرمان للأبناء 

إلتقينـا بـ سعاد ميلود 33 ذو عاما أم لطفلتين متزوجة من فلسطيني منذ ثماني سنوات تصف لنا حياتها الإجتماعية بإستياء شديد كيف يتهكم عليها أقاربها ومحيطها ، " بل إن البعض ينفر منها كما يٌنفر من المُصاب بالمرض المٌعدي " حد قولها .

تقول ميلود إن  " وابل من الأسئلة المزعجة والتدخل في حياتها الزوجية وكإنني متزوجة من كائن فضائي ، وتٌكمل حديثها إن أطفالها محرومين من جنسية والدتهم رغم ولادتهم وترعرعهم بهذه الأرض فلا حق الإنتماء والهوية حتى وإن ولدت وكبرت وتسري جينات ليبيا في دمهم "

خلال حديثنـا قاطعنـا ميلود وسألناها عما إذا كانت تدرك إن أبنائها لايحق لهم الإرث حسب ما تنص به قانون الأحوال الشخصية والجنسية في ليبيا ، لترد بصوت مٌرتعش " هل هناك قانون ينص على ذلك ؟ " في إشارة لدعم معرفتها بتفاصيل مواد القانون الليبي الذي يرتكز عليه مستقبلها مع زوجها وأبنائها المحرومين من الجنسية ، وما أكثر العقبات التى توضح في طريق النساء الليبيات اللواتي إخترن الزواج بأجنبـي .

فيما  تقول " س ، م " وهي مرأة ليبية ذو 28 عام تزوجت من رجل سوري ، " أنا سعيدة مع زوجي وأعيش تجربة ناجحة بفضل الله فهو يحترمني ويقدرني جدا ، وزواجي منه كان عن قناعه تامة وكما ما يقال  "يخاف الله فيا " وتضيف " للأسف مجتمعنا ينظر للمتزوجة من أجنبي نظرة غريبة ممكن لكثرة نسبه الطلاق أما عن رأيي فأنا لا تهمني نظرتهم فاختياري صحيح وأنا لم اقترف خطأ ". 


القانون الليبي ..ضمانات أم عقبات

رغم إن دستور عام 1951 كان  ينص على حق إمتلاك الجنسية الليبية للذين يولدون في ليبيا و الذين يولدون في الخارج البلاد من أب أو أم ليبية وأن يكون أقام عشرة سنوات متواصلة له الأحقية في المٌطالبة بالجنسية . 

إلا إن في غياب الدستور المٌنظم للبلاد في بالعقود الماضية فقد مئات الألاف من الأجانب المٌقيمين لسنوات في ليبيا أو أبناء الأم الليبية ، في المٌقابل تتظاهر الدولة الليبية إنها موقعت  وصادقت على العديد من الإتفاقيات الدولية والعهدين الدولي لكنها ظلت حبيسية الأدراج ولم يٌعمل بها في سياق الدولة .

خلال السنوات الماضية أقدمت دار الإفتاء على طلب رسمي لوزارة الشؤون الإجتماعية لوقف إجراءات تسجيل أي زواج الليبيات من الأجانب أي غير الليبين سواء أكانوا مٌسلمين أم غيرهم ، بحجة إلى ان تتضح الامور تحقيقاً للمصلحة العامة وفق قولهم حينها .

إلتقينـا بأمينة محفوظ والتى كانت بصدد الزواج حينها من رجل مغربي الجنسية لكنه تم عرقلة إجرائتها حينها مما دفعها للسفر معه وتسجيل زواجهم في المملكة المغربية ، وتٌضيف إنها تمردت على القوانين والأعراف التى تسلبها حقها في إختيار شريك حياتها وليست نادمة إطلاقاً رغم عقوبة الإقصاء والإزدراء الإجتماعي التى تعيشها .

تقييد المرأة بإسم الدين 

حول ملف زواج الليبيات من أجانب شكلت وزارة الشؤون الإجتماعية لجنة لوضع ما أسمتها ضوابط إجرائية ، تقول فضيلة بركة وهي عضوة باللجنة   "من المٌفترض أن يكون زاوج الأجنبي المولود في ليبيا نوع من الضمانة بخلاف حديثي الدخول للبلاد بإعتبارهم موضع شك في حال طلب الزواج من ليبية بعكس من ولد وعاش على الأراضي الليبية حسب قولها .

وتٌضيف إن الضوابط التى وضعت للحد من تأثير هذه الظاهرة على ما تٌسميها قيم وعادات وأعراف الليبيين ، أم فيما يتعلق بحق المواطنة والجنسية لأبناء الليبيات المتزوجن من أجانب فهي محل جدل قديم رغم صدور قانون رقم 24 لعام 2010 تنص المادة 11 على منح أبناء الليبية المتزوجة من غير الليبي الجنسية بعض الحصول كا التعليم والصحة وإستخراج الرقم الوطني ، إلا إنه لم يٌفعل ولم تٌوضع له اللائحة التنفيذية منذ حينها .

تقول الناشطة زينب مختار إن التخوفات التى دائماً ما تٌطرح تتعلق عما إذا كان أبناء المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي قد تشربوا عادات وثقافات المجتمع الليبي ووصلوا للسنة القانونية بهذا البلد ، وتنتقد محاولات إستخدام الحفاظ على النسيج الإجتماعي كذريعة لحرمان الألاف من حقوقهم المدنية وحقهم الإنتماء للأرض التى ولدوا فيها حسب قولها .

تٌضيف مٌختار إنه ليس من العدل يٌمنح للرجل الليبي الحق في الزواج بالأجنبية الغير مٌسلمة فيما تٌمنع المرأة من ذلك ب، لذا وجب إتخاذ إجراءات ضبطية لأبناء  الأم الغير مٌسلمة فرجل والمرأة سواء في تكوين المجتمع وفق تعبيرها .

يتوافق كافة الذين قابلناهم ضرورة إعطاء المرأة الليبية الحق في الإختيار لشريك حياتها ، وضمان إستقلاليتها وإحترام إختياراتها وعدم توظيف  الدين والعادات والتقاليد كذريعة لتقييد حقوق المرأة الليبية ، ويبقى زواج الليبيات من الأجانب يثير جدلا بين مؤيد ومعارض وحقوق مهضومة .