رياضة المرأة الليبية… بين التحديات والصعوبات

طرابلس / تُعد الرياضة من أكثر المجالات الجذّابة للناس، ولعل المرأة العربية استطاعت تحقيق العديد من الإنجازات المُميزة فيها والّتي أوصلتها للعالمية رغم القيود الاجتماعية المُحيطة بها. لكن في المجتمع الليبي، لا تزال احترافية النساء في مجالات الرياضة من المحظورات، وتُنتهك حقوقهن المشروعة لرغبتهن في ممارسة أي نشاط رياضي احترافي، بل وصل الأمر لتهديدهن ومنعهن من المُشاركة في بطولات دولية. وليست منذ بعيد؛ حادثة إلغاء ومنع فريق كرة القدم النسائية من المُشاركة في بطولة كرة القدم النسائية التي عُقدت في يوليو عام 2013 في ألمانيا، وقد أثارت حينها ردود أفعال واسعة بين الليبيين الذين كعادتهم انقسموا مؤيدين ومعارضين. التقينا برئيس لجنة كرة القدم النسائية سُعاد الشيباني والتي أبدت أسفها لحالة عزوف المرأة الليبية للمشاركة أو الاحتراف في مجالات الرياضة، رغم وجود العديد من الحوافز والدعم حد تعبيرها، إلا إن ثقافة المجتمع الليبي ينظر بريبة لاحتراف المرأة الليبية في هذا المجال رغم إن الإتحاد الدولي لكرة القدم قد سمح منذ عام 2009 لعب المسلمات بالحجاب. تُضيف الشيباني ” نحن نسعى لضرورة تشجيع النساء والفتيات على اللّعب والاحترام، وإن أهمية الرياضة لا تقف على العنصر الرجالي فقط، ولابد من توفير مرافق رياضية خاصة بهن، كمبدأ المساواة، ويُعد غياب هذه المرافق الرياضية انتهاكًا لحقوق المرأة في ليبيا. فيما يرى عادل الخُمسي رئيس اتحاد كرة القدم الرجالية أننا في ليبيا  لم نصل بعد لثقافةٍ تعطي المرأة حق ممارسة الرياضة والاحتراف فيها، ولا تزال عقلية إنها ” ربة بيت” سائدة. ويقول الخُمسي إن الاتحادات الرياضية تنظر لممارسة الرياضة المرأة واحترافها لعبة كرة القدم شيءٌ ثانوي وغير ضروري، وهو ما يُعد من أكبر الأخطاء التي طمست هوية المرأة الليبية على المستويين الإفريقي والعربي. يضرب مثلاً باللاعبة الليبية المُحترفة دولياً رتاج السائح الّتي تحصلت على قلائد في رمي الجُلة، تم إهمالها ومحاربتها في الوقت الّذي كان من المُمكن أن تكون بطلة على مستوى أفريقي وعربي. يُحمل الصحفي الرياضي خيري القاضي المسؤولية على الجهات الرياضية المسؤولة كوزارة الرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية بجميع ألعابها، ويُشدد على ضرورة بناء مرافق وتهيئتها لاستقبال اللاعبات الّلاتي يودون الاحترافية عالمياً، فهن يجلبن القلائد والألقاب ويرفعون راية بلادهم بالمحافل الدولية. تقول العابد، وهي لاعبة كرة قدم، إنها تُمارس هذه الرياضة منذ صغرها وقد بدأت في الاحتراف بها بعلم أهلها وموافقتهم ويسمحون لي دائماً بالمُعسكرات الرياضية وتُطالب بضرورة إعطاء المرأة الليبية الفرصة لممارسة النشاط الرياضي. المُستشار القانوني وائل بن إسماعيل يقول إنه لا توجد أي تشريعات في ليبيا تمنع حق ممارسة الرياضة أو حظرها على المرأة من الناحية القانونية، ويكمن الأمر في العادات والتقاليد ونظرة الليبيين لحق ممارسة المرأة للرياضة. يؤكد بن إسماعيل على حق المرأة الليبية كغيرها من النساء العربيات في ممارسة اللُّعبة التي تختارها وتكسر حاجز الخوف والمُستحيل الّذي تواجهه في مجتمع “لم يتعود على المرأة ترتدي زيًّا رياضيًّا” حد تعبيره.

زواج الليبيّات من أجانب… حرمانٌ من الحقوق!

طرابلس / في مجتمعٍ يرى بأنه محافظ، تحكمه العادات والتقاليد حتى تلك التي تخسف بحق المرأة الليبية في اختيار شريكها وينظر إليها نظرة دونية عما إذا تزوجت بغير الليبي، وتُحرم هي وأبنائها من حقوقهم المدنية. المجتمع الليبي ذو التركيبة المُعقدة يُحلل ويُحرم، بل ويُجرّم أحياناً! فلا لوم على الرجل من التزوج بأجنبية أيًّا كانت جنسيتها او عقيدتها، فيما يُلقى اللوم على زواج المرأة الليبية من الأجنبي. بحثنـا كثيراً لمقابلة ليبيات تزوجهن أجانب ويعيشون داخل مجتمعنـا، لنتعرف على قصصهن ومعاناتهن في الحرمان من حقوق أبنائهن المدنية.   الحرمان من الأبناء  التقينا بـ سعاد ميلود (33 عامًا) أم لطفلتين، متزوجة من فلسطيني منذ ثماني سنوات، تصف لنا حياتها الاجتماعية باستياء شديد كيف يتهكم عليها أقاربها ومحيطها، ” بل إن البعض ينفر منها كما ينفر من المُصاب بالمرض المعدي ” حسب تعبيرها. تقول ميلود أنّ وابلًا من الأسئلة المزعجة والتدخل في حياتها الزوجية “وكأني متزوجة من كائن فضائي” وتُكمل حديثها إن أطفالها محرومون من جنسية والدتهم رغم ولادتهم وترعرعهم بهذه الأرض، بلا حق الانتماء والهوية حتى وإن وُلدوا وكبروا وتسري جينات ليبيا في دمهم. خلال حديثنـا قاطعنـا ميلود وسألناها عما إذا كانت تدرك إن أبناءها لا يحق لهم الإرث حسب ما تنص به قانون الأحوال الشخصية والجنسية في ليبيا، لترد بصوت مٌرتعش ” هل هناك قانون ينص على ذلك؟ ” في إشارة لعدم معرفتها بتفاصيل مواد القانون الليبي الذي يرتكز عليه مستقبلها مع زوجها وأبنائها المحرومين من الجنسية، وما أكثر العقبات التي توضع في طريق النساء الليبيات اللواتي اخترن الزواج بأجنبـي. فيما تقول ” س، م ” وهي سيدة ليبية (28 عام) تزوجت من رجل سوري ” أنا سعيدة مع زوجي وأعيش تجربة ناجحة بفضل الله فهو يحترمني ويقدرني جدا، وزواجي منه كان عن قناعه تامة وكما يقال “يخاف الله فيا ” وتضيف “للأسف مجتمعنا ينظر للمتزوجة من أجنبي نظرة غريبة، ربما لكثرة نسبة الطلاق، أما عن رأيي فأنا لا تهمني نظرتهم فاختياري صحيح وأنا لم اقترف خطأ”.   القانون الليبي..  ضمانات أم عقبات رغم إن دستور عام 1951 كان ينص على حق امتلاك الجنسية الليبية للذين يولدون في ليبيا والذين يولدون في الخارج البلاد من أب أو أم ليبية وأن يكون أقام عشرة سنوات متواصلة له الأحقية في المُطالبة بالجنسية. إلا إن في غياب الدستور المُنظم للبلاد في العقود الماضية فقد مئات الآلاف من الأجانب المُقيمين لسنوات في ليبيا أو أبناء الأم الليبية، في المُقابل تتظاهر الدولة الليبية أنّها وقّعت وصادقت على العديد من الاتفاقيات الدولية والعهدين الدوليين لكنها ظلت حبيسة الأدراج ولم يتم العمل بها في سياق الدولة. خلال السنوات الماضية قدّمت دار الإفتاء على طلب رسمي لوزارة الشؤون الاجتماعية لوقف إجراءات تسجيل أي زواج الليبيات من الأجانب، أي غير الليبيين، سواء أكانوا مُسلمين أم غيرهم، بحجة إلى ان تتضح الامور تحقيقاً للمصلحة العامة وفق قولهم حينها. التقينا بأمينة محفوظ والتي كانت بصدد الزواج حينها من رجل مغربي الجنسية، ولكن تم عرقلة إجرائتها حينها مما دفعها للسفر معه وتسجيل زواجهم في المملكة المغربية، وتُضيف إنها تمردت على القوانين والأعراف التى تسلبها حقها في اختيار شريك حياتها وليست نادمة إطلاقاً رغم عقوبة الإقصاء والازدراء الاجتماعي التى تعيشها .   تقييد المرأة باسم الدين  حول ملف زواج الليبيات من أجانب؛ شكلت وزارة الشؤون الاجتماعية لجنةً لوضع ما أسمتها ضوابط إجرائية، تقول فضيلة بركة وهي عضوة باللجنة “من المُفترض أن يكون زاوج الأجنبي المولود في ليبيا نوع من الضمانة بخلاف حديثي الدخول للبلاد باعتبارهم موضع شك في حال طلب الزواج من ليبية بعكس من وُلد وعاش على الأراضي الليبية” حسب قولها. وتُضيف إن الضوابط التي وُضعت للحد من تأثير هذه الظاهرة على ما تُسميها قيم وعادات وأعراف الليبيين، أم فيما يتعلق بحق المواطنة والجنسية لأبناء الليبيات المتزوجين من أجانب فهي محل جدل قديم رغم صدور قانون رقم 24 لعام 2010 تنص المادة 11 على منح أبناء الليبية المتزوجة من غير الليبي الجنسية بعض الحصول كالتعليم والصحة واستخراج الرقم الوطني، إلا إنه لم يٌفعل ولم تٌوضع له اللائحة التنفيذية منذ حينها. تقول الناشطة زينب مختار إن التخوفات التي دائماً ما تٌطرح تتعلق عما إذا كان أبناء المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي قد تشربوا عادات وثقافات المجتمع الليبي ووصلوا للسنة القانونية بهذا البلد، وتنتقد محاولات استخدام الحفاظ على النسيج الاجتماعي كذريعة لحرمان الألاف من حقوقهم المدنية وحقهم في الانتماء للأرض التي ولدوا فيها حسب قولها. تٌضيف مٌختار إنه ليس من العدل يٌمنح للرجل الليبي الحق في الزواج بالأجنبية غير المُسلمة فيما تٌمنع المرأة من ذلك ب، لذا وجب اتخاذ إجراءات ضبطية لأبناء الأم غير المُسلمة فرجل والمرأة سواء في تكوين المجتمع وفق تعبيرها. يتفق كافة الذين قابلناهم على ضرورة إعطاء المرأة الليبية الحق في اختيار شريك حياتها، وضمان استقلاليتها واحترام اختياراتها وعدم توظيف الدين والعادات والتقاليد كذريعة لتقييد حقوق المرأة الليبية، ويبقى زواج الليبيات من الأجانب يثير جدلا بين مؤيد ومعارض وحقوق مهضومة.